زعم الشيعة أن عمر بن الخطاب وضع الخراج على أرض السواد

الشبهة الثانية والخمسون

 

محتوى الشبهة:

زعم الشيعة: أن عمر بن الخطاب وضع الخراج على أرض السواد.

قال المجلسي وهو يعدد الطعون على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ومنها: أنه وضع الخراج على أرض السواد ولم يعط أرباب الخمس منها خمسهم، وجعلها موقوفة على كافة المسلمين".([1])

وقال محقق كتاب (الإيضاح) للفضل بن شاذان، جلال الدين الحسيني الأرموي المحدث في تعليقه على الموضوع:" أقول: فالبدعة فيها من وجوه:

أحدها: منع أرباب الخمس حقهم وهو مخالف لصريح آية الخمس وللسنة أيضا حيث ذكر ابن أبي الحديد أن رسول الله صلى الله عليه وآله قسم خيبر وصيرها غنيمة، وأخرج خمسها لأهل الخمس وكان الباعث على ذلك إضعاف جانب بني هاشم، والحذر من أن يميل الناس إليهم لنيل الحطام فتنتقل إليهم الخلافة فينهدم ما أسسوه يوم السقيفة وشيدوه بكتابة الصحيفة.

وثانيها: منع الغانمين بعض حقوقهم من أرض الخراج وجعلها موقوفة على مصالح المسلمين وهذا الزامي عليهم لما اعترفوا به من أن رسول الله صلى الله عليه وآله قسم الأرض المفتوحة عنوة بين الغانمين وبه أفتى الشافعي وأنس بن مالك والزبير وبلال كما ذكره المخالفون وما ذكروه من أنه عوض الغانمين ووقفها فهو دعوى بلا ثبت، بل يظهر من كلام الأكثر خلافه كما يستفاد من كلام ابن أبي الحديد وغيره.

وثالثها: أن سيرة الرسول صلى الله عليه وآله في الأراضي المفتوحة عنوة كانت أخذ حصته (ع) من غلتها دون الدراهم المعينة"([2]).

وقال الحلي: "قال الشيخ (ره): والذي يقتضيه المذهب أن هذه الأراضي وغيرها من بلاد خرج ويخرج خمسها لأرباب الخمس وأربعة الأخماس الباقية تكون للمسلمين قاطبة، الغانمون وغيرهم سواء في ذلك ويكون للإمام النظر فيها ويقبلها ويضمنها بما شاء ويأخذ ارتفاعها ويصرفه في مصالح المسلمين وما ينوبهم من سد الثغور وتقوية المجاهدين وبناء القناطر وغير ذلك من المصالح وليس للغانمين في هذه الأرضين على وجه التخصيص شيء بل هم والمسلمون فيه سواء ولا يصح بيع شيء من هذه الأرضين ولا هبته ولا معاوضته ولا تملكه ولا وقفه ولا رهنه ولا إجارته ولا إرثه، ولا يصح أن يبنى دورًا ومنازل ومساجد ومسقايات، ولا غير ذلك من أنواع التصرف الذي يتبع الملك، ومتى فعل شيء من ذلك كان التصرف باطلا هو باق على الأصل.

ثم قال (ره): وعلى الرواية التي رواها أصحابنا أن كل عسكر أو فرقة غزت بغير أمر الإمام فغنمت تكون الغنيمة للإمام خاصة تكون هذه الأرضون وغيرها مما فتحت بعد الرسول صلى الله عليه وآله إلا ما فتح في أيام أمير المؤمنين (ع) إن صح شيء من ذلك للإمام خاصة وتكون من جملة الأنفال التي له خاصة لا يشركه فيها غيره" ([3]).

الرد التفصيلي على الشبهة:

أولاً: أرض السواد هي الأرض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر، وهي سواد العراق([4])، وأما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقد استدل عليه بالكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول، والمصالح الشرعية المعتبرة.

استدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعدم تقسيمه للأرض على الفاتحين بكتاب الله. روى البيهقي بإسناده: "عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَسْلَمَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رضي الله عنه يَقُولُ: "اجْتَمِعُوا لِهَذَا الْمَالِ، فَانْظُرُوا لِمَنْ تَرَوْنَهُ "، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: "إِنِّي أَمَرْتُكُمْ أَنْ تَجْتَمِعُوا لِهَذَا الْمَالِ فَتَنْظُرُوا لِمَنْ تَرَوْنَهُ، وَإِنِّي قَدْ قَرَأْتُ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [سورة الحشر:7-8]، وَاللهِ مَا هُوَ لِهَؤُلَاءِ وَحْدَهُمْ، {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [سورة الحشر:9]، وَاللهِ مَا هُوَ لِهَؤُلَاءِ وَحْدَهُمْ، {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [سورة الحشر: 10] الْآيَةَ، وَاللهِ مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا وَلَهُ حَقٌّ فِي هَذَا الْمَالِ، أُعْطِيَ مِنْهُ أَوْ مُنِعَ، حَتَّى رَاعٍ بِعَدَن"([5]).

ولذلك لما سُئل عمر رضي الله عنه عن التقسيم، قال: إنني لو قسمت عليكم هذا المال لما بقي شيء لمن جاء بعدكم، كما أمر الله في تقسيم الفيء في (سورة الحشر).

في كتاب (الأموال) للقاسم بن سلام قال: "وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي تَرْكِ الْقَسْمِ، فَإِنَّ هُشَيْمَ بْنَ بَشِيرٍ حَدَّثَنَا: قَالَ أَخْبَرَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ الْمُسْلِمُونَ السَّوَادَ قَالُوا لِعُمَرَ: اقْسِمْهُ بَيْنَنَا، فَإِنَّا افْتَتَحْنَاهُ عَنْوَةً، قَالَ: فَأَبَى، وَقَالَ: فَمَا لِمَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؟ وَأَخَافُ إِنْ قَسَمْتُهُ أَنْ تَفَاسَدُوا بَيْنَكُمْ فِي الْمِيَاهِ، قَالَ: فَأَقَرَّ أَهْلَ السَّوَادِ فِي أَرَضِيهِمْ، وَضَرَبَ عَلَى رُءُوسِهِمُ الْجِزْيَةَ، وَعَلَى أَرَضِيهِمُ الطَّسْقَ، وَلَمْ يَقْسِمْ بَيْنَهُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَعْنِي: الْخَرَاجَ"([6]).

وقال: "وَحَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَوْمَ افْتَتَحَ الْعِرَاقَ: "أَمَا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي كِتَابُكَ أَنَّ النَّاسَ قَدْ سَأَلُوا أَنْ تُقَسَّمَ بَيْنَهُمْ غَنَائِمُهُمْ، وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَانْظُرْ مَا أَجْلَبُوا بِهِ عَلَيْكَ فِي الْعَسْكَرِ، مِنْ كُرَاعٍ أَوْ مَالٍ: فَاقْسِمْهُ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَاتْرُكِ الْأَرَضِينَ وَالْأَنْهَارَ لِعُمَّالِهَا؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ فِي أَعْطِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّا لَوْ قَسَمْنَاهَا بَيْنَ مَنْ حَضَرَ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ شَيْءٌ"([7]).

قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى: "فَلَمَّا افْتُتِحَ السَّوَادُ شَاوَرَ عُمَرُ رضي الله عنه النَّاسَ فِيهِ فَرَأَى عَامَّتُهُمْ أَنْ يُقَسِّمَهُ، وَكَانَ بِلالُ بْنُ رَبَاحٍ مِنْ أَشَدِّهِمْ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ رَأْيُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنْ يُقَسِّمَهُ، وَكَانَ رَأْيُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ رَأْيَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَكَانَ رَأَى عُمَرُ رضي الله عنه أَنْ يَتْرُكَهُ وَلا يُقَسِّمَهُ حَتَّى قَالَ عِنْدَ إِلْحَاحِهِمْ عَلَيْهِ فِي قِسْمَتِهِ: اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلالا وَأَصْحَابَهُ؛ فَمَكَثُوا بِذَلِك أَيَّامًا حَتَّى قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لَهُم: فقد وَجَدْتُ حُجَّةً فِي تَرْكِهِ وَأَنْ لَا أُقَسِّمَهُ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [سورة الحشر:7-8]، فمثلا عَلَيْهِمْ حَتَّى بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [سورة الحشر: 10]. قَالَ: فَكَيْفَ أُقْسِمُهُ لَكُمْ، وَأَدَعُ مَنْ يَأْتِي بِغَيْرِ قَسْمٍ؟ فَأَجْمَعَ عَلَى تَرْكِهِ وَجَمْعِ خَرَاجِهِ وَإِقْرَارِهِ فِي أَيدي أهليه وَوَضْعِ الْخَرَاجِ عَلَى أَرْضِيهِمْ وَالْجِزَيَةِ على رُءُوسهم"([8]). 

إذاً فقد كان استدلال عمر بن الخطاب رضي الله عنه بكتاب الله على ما فعل.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: "فَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ فِي افْتِتَاحِ الْأَرَضِينَ عَنْوَةً بِهَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ: أَمَّا الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَيْبَرَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَهَا غَنِيمَةً، فَخَمَّسَهَا، وَقَسَّمَهَا، وَبِهَذَا الرَّأْيِ أَشَارَ بِلَالٌ عَلَى عُمَرَ فِي بِلَادِ الشَّامِ، وَأَشَارَ بِهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، كَذَلِكَ يُرْوَى عَنْهُ. وَأَمَّا الْحُكْمُ الْآخَرُ فَحُكْمُ عُمَرَ فِي السَّوَادِ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَهُ فَيْئًا مَوْقُوفًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا تَنَاسَلُوا، وَلَمْ يُخَمِّسْهُ، وَهُوَ الرَّأْيُ الَّذِي أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رضي الله عنه، وَبِهَذَا كَانَ يَأْخُذُ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ قَوْلِهِ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْخِيَارُ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ إِلَى الْإِمَامِ، إِنْ شَاءَ جَعَلَهَا غَنِيمَةً فَخَمَّسَ وَقَسَّمَ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهَا فَيْئًا عَامًّا لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يُخَمِّسْ وَلَمْ يُقَسِّمْ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكِلَا الْحُكْمَيْنِ فِيهِ قُدْوَةٌ وَمُتَّبَعٌ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ، إِلَّا أَنَّ الَّذِيَ أَخْتَارُهُ مِنْ ذَلِكَ: يَكُونُ النَّظَرُ فِيهِ إِلَى الْإِمَامِ، كَمَا قَالَ سُفْيَانُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا دَاخِلَانِ فِيهِ، وَلَيْسَ فِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَرَّادٍ لِفِعْلِ عُمَرَ، وَلَكِنَّهُ صلى الله عليه وسلم اتَّبَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَعَمِلَ بِهَا، وَاتَّبَعَ عُمَرُ آيَةً أُخْرَى فَعَمِلَ بِهَا وَهُمَا آيَتَانِ مُحْكَمَتَانِ فِيمَا يَنَالُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ، فَيَصِيرُ غَنِيمَةً أَوْ فَيْئًا"([9]).

هذا الدليل من كتاب الله وسنجيب عن آية الأنفال في الغنيمة في موضعها.

عدم تقسيم عمر رضي الله عنه لأرض السواد هو عمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم لا ترك لها.

لا شك أن السنة هي التفسير الصادق لكتاب الله، ولا يمكن أن يقول مسلم بأن النبي صلى الله عليه وسلم يخالف كتاب الله، لكن الشيعة قالوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم خيبر، فلماذا لم يستن عمر بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر، قلنا الجواب في عدة نقاط:

أ- خيبر لم تقسم جميعها:

قال أبو عبيد: "وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ بَشِيرَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ قَسَّمَهَا عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَهْمًا جَمْعُ كُلِّ سَهْمٍ مِنْهَا مِائَةُ سَهْمٍ، وَعَزَلَ نِصْفَهَا لِنَوَائِبِهِ وَمَا يَنْزِلُ بِهِ، وَقَسَّمَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ"([10]).

وقد ذكر ذلك ابن قدامة في (المغني)، حيث قال: "وَمَا اسْتَأْنَفَ الْمُسْلِمُونَ فَتْحَهُ، فَإِنْ فُتِحَ عَنْوَةً فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ:

 إحْدَاهُنّ: أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ قِسْمَتِهَا عَلَى الْغَانِمِينَ، وَبَيْنَ وَقَفَّيْتهَا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ قَدْ ثَبَتَ فِيهِ حُجَّةٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَّمَ نِصْفَ خَيْبَرَ، وَوَقَفَ نِصْفَهَا لِنَوَائِبِهِ. وَوَقَفَ عُمَرُ الشَّامَ وَالْعِرَاقَ وَمِصْرَ وَسَائِرَ مَا فَتَحَهُ، وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاءُ الصَّحَابَةِ، وَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِهِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْخُلَفَاءِ، وَلَمْ يُعْلَمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَسَمَ شَيْئًا مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي افْتَتَحُوهَا.

 وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا؛ لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ، وَقِسْمَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ كَانَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ، وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ، فَكَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ، وَقَدْ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ، فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبَ.

وَالثَّالِثَةُ: أَنَّ الْوَاجِبَ قِسْمَتُهَا. وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ ذَلِكَ، وَفِعْلُهُ أَوْلَى مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ، مَعَ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [سورة الأنفال:41] الْآيَةُ. يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسهَا لِلْغَانِمِينَ.

 وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فِي خَيْبَرَ، وَلِأَنَّ عُمَرَ قَالَ: "لَوْلَا آخِرُ النَّاسِ لَقَسَمْت الْأَرْضَ كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ". فَقَدْ وَقَفَ الْأَرْضَ مَعَ عِلْمِهِ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَعَيِّنًا، كَيْفَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ وَقَفَ نِصْفَ خَيْبَرَ، وَلَوْ كَانَتْ لِلْغَانِمِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْفُهَا "([11]).

وعليه نقول: لو كانت خيبر للغانمين لم يجز وقفها.

ب- إذا قلتم بأن خيبر قُسِّمت بين الغانمين فقد اتفقتم معنا بأن مكة وحنين فُتحتا عنوة ولم يقسمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" مَنْ تَدَبَّرَ الْآثَارَ الْمَنْقُولَةَ عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً وَمَعَ هَذَا فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُقَسِّمْ أَرْضَهَا، كَمَا لَمْ يَسْتَرِقّ رِجَالَهَا فَفَتَحَ خَيْبَرَ عَنْوَةً وَقَسَمَهَا وَفَتَحَ مَكَّةَ عَنْوَةً، وَلَمْ يَقْسِمْهَا فَعُلِمَ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ. وَالْأَقْوَالُ فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَةٌ: إمَّا وُجُوبُ قَسْمِ الْعَقَارِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ؛ وَإِمَّا تَحْرِيمُ قَسْمِهِ وَوُجُوبُ تَحْبِيسِهِ كَقَوْلِ مَالِكٍ؛ وَإِمَّا التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا كَقَوْلِ الْأَكْثَرِينَ: الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ؛ وَأَبِي عُبَيْدٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَد وَعَنْهُ كَالْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ"([12]).

وأما عند الشيعة:

 فقد قال البحراني: "أقول: والذي يظهر لي من الأخبار هو فتح مكة والعراق عنوة، وإن كان قد منّ على أهل مكة كما تقدم في كلام الشيخ بأموالهم"([13]).

وقال محمد حسين الغروي: "المنصوص عليه في الاخبار أن أرض العراق - المعبر عنها بأرض السواد - مفتوحة عنوة، وأنها فيئ المسلمين"([14]).

وقال المنتظري: "ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ، عن صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر، قالا: ذكرنا له الكوفة -إلى أن قال-: إن أهل الطائف أسلموا وجعلوا عليهم العشر ونصف العشر. وإن مكة دخلها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنوة وكانوا أسراء في يده فأعتقهم فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء"([15]).

وقرر المنتظري أن مكة وحنين فتحتا عنوة ولم يقسمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "عدم تقسيم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غنائم مكة وحنين بين المقاتلين وقد فتحتا عنوة: لا يخفى أن ما في صحيحة زرارة السابقة من نقل عمل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعله إشارة إلى ما صنعه هو (صلى الله عليه وآله وسلم) في فتح مكة وهوازن، حيث إنهما فتحتا عنوة ولم يقسم هو (صلى الله عليه وآله وسلم) بين المقاتلين شيئا"([16]).

فهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما فُتِح عنوة، قسَّم جزءا من خيبر، ولم يقسم مكة ولا هوازن، ولو شئنا لقلنا بأن آخر الأمرين نسخ أولهما فكان التقسيم هو المنسوخ، لكننا نقول أن كل ذلك سنة.

ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "حَبْسُ عُمْرَ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا للأرضين الْمَفْتُوحَةِ وَتَرْكُ قِسْمَتِهَا عَلَى الْغَانِمِينَ. فَمَنْ قَالَ: إنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ قَالَ: لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ خَيْبَرَ وَقَالَ: إنَّ الْإِمَامَ إذَا حَبَسَهَا نُقِضَ حُكْمُهُ لِأَجْلِ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ فَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ وَجُرْأَةٌ عَلَى الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ؛ فَإِنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خَيْبَرَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مَا فَعَلَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَنَا دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ لَكَانَ فِعْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ؛ فَكَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ فَتَحَ مَكَّةَ عَنْوَةً كَمَا اسْتَفَاضَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ؛ بَلْ تَوَاتَرَ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ؟"([17]).

إذًا عدم تقسيم عمر لأرض السواد إنما هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكون عمر جعل الخراج على الأرض إنما هو من سلطته كإمام، قال السرخسي: "وَكُلُّ بَلْدَةٍ فَتَحَهَا الْإِمَامُ عَنْوَةً وَقَهْرًا، ثُمَّ مَنَّ بِهَا عَلَى أَهْلِهَا فَهِيَ أَرْضُ خَرَاجٍ"([18]). 

وقال البحراني: "ويعضد ذلك حكم الأئمة - عليهم السلام - بأن أرض السواد مما فتح عنوة كما تقدم في صحيحة الحلبي ورواية أبي الربيع الشامي ورواية أحمد بن محمد بن أبي نصر. فإن الجميع ظاهر في أنها من الأراضي الخراجية التي يجب اجراء أحكام الأراضي الخراجية عليها"([19]).

ج- لا يجوز القياس على فعل النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر لعدة فوارق، منها: أن أرض خيبر ما هي إلا بلدة أو منطقة محدودة، ليست كسواد العراق، أو بلاد الشام أو أرض مصر، وكان أهلها دخلاء على جزيرة العرب، وطالما أفسدوا فيها، كل هذه الاعتبارات رجحت تقسيم أرضهم على المقاتلين المنتصرين بخلاف الأراضي التي رفض عمر رضي الله عنه تقسيمها، فهي ليست منطقة أو قرية أو مدينة، بل هي أراضي وممالك وأقطار كبيرة، مثل مصر والشام والعراق، وملاكها ليسوا دخلاء عليها كاليهود على الجزيرة، وإجلاؤهم عنها غير وارد ولا ممكن، فكان الخير والمصلحة للدنيا وللدين في إبقائها بيد أهلها، يحيونها ويعمرونها ويعملون فيها، ويفرض عليها خراج يعود إلى الدولة بصفة دورية، يكون رصيداً للإنفاق على مصالح الأمة وسد ثغراتها، وتلبية حاجاتها.

ثانيًا: عمل عمر رضي الله عنه في أرض السواد إنما وقع برأي جمهور الصحابة، ومنهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأجمع الشيعة على أن للإمام فعل ذلك.

أما جمهور الصحابة فقد سبق أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استشارهم، فمنهم من أشار بالتقسيم، ومنهم من أشار بعدمه، وقد اتفق رأي عمر وعلي ومعاذ وطلحة وعثمان على عدم التقسيم، ومن الروايات التي جاءت في ذلك.

ما جاء في كتاب (الأموال) عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ السَّوَادَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَرَ أَنْ يُحْصُوا فَوُجِدَ الرَّجُلُ يُصِيبُهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْفَلَّاحِينَ فَشَاوَرَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: دَعْهُمْ يَكُونُوا مَادَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، فَتَرَكَهُمْ وَبَعَثَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ، فَوَضَعَ عَلَيْهِمْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ"([20]).

قَالَ القاضي أبو يوسف: "وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ جَارِيَة بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُقَسِّمَ السَّوَادَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَرَ بِهِمْ أَنْ يُحْصُوا؛ فَوَجَدَ الرَّجُلَ يُصِيبُ الاثْنَيْنِ وَالثَّلاثَةَ مِنَ الْفَلاحِينَ، فَشَاوَرَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: دَعْهُمْ يَكُونُوا مَادَّةً لِلْمُسْلِمِينَ"([21]).

فهنا نجد أن الذي أشار على عمر رضي الله عنه بعدم التقسيم هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد جاء في كتب الشيعة أن عليًّا قال لعمر: "اترك ذلك لمن جاء بعدنا من المسلمين."

قال الفضل بن شاذان: "وروى شريك وغيره أن عمر أراد بيع أهل السواد فقال علي -صلوات الله عليه- إن هذا مال أصبتموه ولم تصيبوا مثله فإن بعتهم بقي من يدخل في دين الله لا شيء له قال: فما أصنع؟ - قال: دعهم سكرة للمسلمين فتركهم على أنه عبيد"([22]).

وقد أشار عليه معاذ رضي الله عنه بذلك أيضًا:

جاء في كتاب (الأموال): "حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ عَطِيَّةَ الْعَنْسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَيْسٍ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيِّ - شَكَّ أَبُو عُبَيْدٍ - قَالَ: قَدِمَ عُمَرُ الْجَابِيَةَ، فَأَرَادَ قَسْمَ الْأَرْضِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: وَاللَّهِ إِذَنْ لَيَكُونَنَّ مَا تَكْرَهُ، إِنَّكَ إِنْ قَسَمْتَهَا صَارَ الرِّيعُ الْعَظِيمُ فِي أَيْدِي الْقَوْمِ، ثُمَّ يَبِيدُونَ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ إِلَى الرَّجُلِ الْوَاحِدِ أَوِ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِهِمْ قَوْمٌ يَسُدُّونَ مِنَ الْإِسْلَامِ مَسَدًّا، وَهُمْ لَا يَجِدُونَ شَيْئًا، فَانْظُرْ أَمْرًا يَسَعُ أَوَّلَهُمْ وَآخِرَهُمْ"([23]).

وأما عند الشيعة:

 فيقول الطوسي: "ما أخذ بالسيف عنوة: وهي أرض الخراج، وهي للمسلمين قاطبة يقبلها الإمام لمن شاء بما يراه، أو من يقوم مقامه، ويصرف ذلك إلى مصالح المسلمين كافة"([24]).

بل لقد قالوا إن للشيعة للتصرف في الأرض في عصر الغيبة فضلا عن الإمام، يقول الحلي: "كلّما يخصّ الإمام من الأرضين الموات ورؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام، ليس لأحد التصرّف فيها مع ظهور الإمام (عليه السلام) إلاّ بإذنه. وسوّغوا لشيعتهم حال الغيبة التصرّف فيها بمجرّد الإذن منهم"([25]).

ويقول محمد حسن النجفي: "قد يقال بصدور الإذن منهم عليهم‌ السلام في ذلك، ففي قاطعة اللجاج قد سمعنا أن عمر استشار أمير المؤمنين عليه‌ السلام في ذلك، ومما يدل عليه فعل عمار فإنه من خلفاء أمير المؤمنين عليه‌ السلام ولولا  أمره لما ساغ له الدخول في أمرها، وفي الكفاية الظاهر أن الفتوح التي وقعت في زمن عمر كانت بإذن أمير المؤمنين عليه‌ السلام؛ لأن عمر كان يشاور الصحابة خصوصا أمير المؤمنين عليه‌ السلام في تدبير الحروب وغيرها، وكان لا يصدر إلا عن رأي علي عليه‌ السلام، وكان النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم قد أخبر بالفتوح وغلبة المسلمين على الفرس والروم، وقبول سلمان تولية المدائن وعمار إمارة العساكر مع ما روي فيهما قرينة على ذلك، و‌عن الصدوق أنه روي مرسلا استشارة عمر عليا عليه‌ السلام في هذه الأراضي فقال: دعها عدة للمسلمين"([26]).

قال الطوسي: "وروي أن عمر استشار عليا - عليه السلام - في أرض السواد، فقال له على عليه السلام: (دعها عدة المسلمين)، ولم يأمره بقسمتها، ولو كان واجبا لكان يشير إليه بالقسمة"([27]).

فهذا رأي علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأغلب الصحابة، ولذلك فقد روى أبو يوسف في كتاب (الخراج) قال: "...فَاسْتَشَارَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فَاخْتَلَفُوا؛ فَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَانَ رَأْيُهُ أَنْ تُقَسَّمَ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَرَأْيُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ رَأْيُ عُمَرَ. فَأَرْسَلَ إِلَى عَشْرَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ: خَمْسَةٍ مِنَ الأَوْسِ وَخَمْسَةٍ مِنَ الْخَزْرَجِ مِنْ كُبَرَائِهِمْ وَأَشْرَافِهِمْ؛ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا حَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: ... فَقَالُوا جَمِيعًا: الرَّأْيُ رَأْيُكَ؛ فَنِعْمَ مَا قلت وَمَا رَأَيْت، وَإِن لَمْ تَشْحِنْ هَذِهِ الثُّغُورَ وَهَذِهِ الْمُدُنَ بِالرِّجَالِ، وَتُجْرِي عَلَيْهِمْ مَا يَتَّقَوَّوْنَ بِهِ رَجَعَ أَهْلُ الْكُفْرِ إِلَى مُدُنِهِمْ"([28]).

فهنا أهل المشورة من المهاجرين والأنصار اجتمعوا على رأي عمر رضي الله عنه في كتب السنة والشيعة.

ثالثاً: قد أجمع الشيعة على أن العقار في أرض السواد لا يُقسم.

قال الطوسي في (التبيان): "فالغنيمة كل ما أخذ من دار الحرب بالسيف عنوة مما يمكن نقله إلى دار الاسلام، وما لا يمكن نقله إلى دار الاسلام، فهو لجميع المسلمين ينظر فيه الامام ويصرف انتفاعه إلى بيت المال لمصالح المسلمين"([29]).

وقد سبق ذكر قوله في (المبسوط): "ظاهر المذهب أن النبي (صلى الله عليه وآله) فتح مكة عنوة بالسيف ثم أمنهم بعد ذلك، وإنما لم يقسم الأرضين والدور؛ لأنها لجميع المسلمين كما نقوله في كل ما يفتح عنوة إذا لم يمكن نقله إلى بلد الاسلام فإنه يكون للمسلمين قاطبة، ومنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) على رجال من المشركين فأطلقهم، وعندنا أن للإمام أن يفعل ذلك وكذلك أموالهم منَّ عليهم بها لما رآه من المصلحة"([30]). 

وقال المجلسي: "قال الشيخ (ره): والذي يقتضيه المذهب أن هذه الأراضي وغيرها من بلاد خرج ويخرج خمسها لأرباب الخمس وأربعة الأخماس الباقية تكون للمسلمين قاطبة، الغانمون وغيرهم سواء في ذلك ويكون للإمام النظر فيها ويقبلها ويضمنها بما شاء ويأخذ ارتفاعها ويصرفه في مصالح المسلمين وما ينوبهم من سد الثغور وتقوية المجاهدين وبناء القناطر وغير ذلك من المصالح.

وليس للغانمين في هذه الأرضين على وجه التخصيص شيء بل هم والمسلمون فيه سواء ولا يصح بيع شيء من هذه الأرضين ولا هبته ولا معاوضته ولا تملكه ولا وقفه ولا رهنه ولا إجارته ولا إرثه، ولا يصح أن يبنى دورًا ومنازل ومساجد ومسقايات، ولا غير ذلك من أنواع التصرف الذي يتبع الملك، ومتى فعل شيء من ذلك كان التصرف باطلاً هو باق على الأصل.

ثم قال (ره): وعلى الرواية التي رواها أصحابنا أن كل عسكر أو فرقة غزت بغير أمر الإمام فغنمت تكون الغنيمة للإمام خاصة تكون هذه الأرضون وغيرها مما فتحت بعد الرسول صلى الله عليه وآله إلا ما فتح في أيام أمير المؤمنين (ع) إن صح شيء من ذلك للإمام خاصة وتكون من جملة الأنفال التي له خاصة لا يشركه فيها غيره"([31]).

بل وردت روايات تدلّ على أنّ أرض السواد ملك للمسلمين، كصحيحة الحلبي، قال: "سئل أبو عبد الله عليه السلام عن السواد ما منزلته؟ فقال: هو لجميع المسلمين: لمن هو اليوم، ولمن يدخل في الإسلام بعد اليوم، ولمن لم يخلق بعد"([32]).

فلماذا يشغب الشيعة بأمر هو الصواب في عقيدتهم إذًا؟

 

رابعاً: مفهوم آية الأنفال ليس قطعيًّا في العقار.

لا يملك فقيه بصير بالقرآن وباللغة ودلالتها أن يزعم أن الآية الكريمة تدل على ذلك دلالة قطعية؛ لأن حقيقة ما يغنمه الإنسان في الحرب: ما يحوزه بالفعل، ويستولى عليه، وهذا معقول ومشاهد في الكراع والسلاح والثياب والنقود، والأدوات، ونحوها، مما يمكن أخذه وحمله ونقله، بخلاف الأراضي الشاسعة، والسهول الواسعة، والجبال الشامخة، والأنهار العظيمة، فمن ذا الذي يقول: إنه حازها واستولى عليها إلا بضرب من التجوز والتوسع في الاستعمال اللغوي، وليس على الحقيقة؟

قال علي أصغر مرواريد: "أن ما لا ينقل ولا يحول من الدور والعقارات والأرضين، عندنا أن فيه الخمس فيكون لأهله، والباقي لجميع المسلمين من حضر القتال، ومن لم يحضر فيصرف ارتفاعه إلى مصالحهم. دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله فتح هوازن ولم يقسم أرضها بين الغانمين، فلو كانت للغانمين لقسمها فيهم، وروي أن عمر فتح قرى بالشام فقال له بلال: اقسمها بيننا فأبى عمر ذلك، وقال: اللهم اكفني شر بلال وذريته، فلو كانت القسمة واجبة لكان يفعلها، عمر، وروي أن عمر استشار عليًّا عليه الصلاة والسلام في أرض السواد فقال عليٌّ عليه السلام: دعها عدة للمسلمين، ولم يأمره بقسمتها، ولو كان واجبا لكان يشير عليه بالقسمة".

وذلك هو فقه الصحابة لما أشاروا بعدم التقسيم، لأنهم رأوا أنهم لم يغنموا هذه الأرض على وجه الحقيقة، وعليه، فلا دليل في آية الغنيمة على توزيع الأرض إلا من باب التجوز؛ لأنها في المنقولات وما أشبهها؛ لذلك توقف الصحابة الذين فتحوا البلاد عن تقسيم الأرض لما طالبهم البعض بالتقسيم انتظاراً لرأي الخليفة عمر رضي الله عنه، ولو كان دخول الأرض المفتوحة في مفهوم الغنيمة أمرًا مقررًا، أو تشريعًا ثابتًا، لما اختلف فيه أحد، أو حدث فيه نزاع وخلاف ومناقشات طويلة وانقسام في الرأي، فعبد الرحمن بن عوف ومن تابعه من المسلمين -مثل الزبير وبلال- كانوا يرون قسمة الأرض، وعثمان وعلى وطلحة وابن عمر ومن تابعهم كانوا يرون ألا تقسم بين الفاتحين، ودارت المناقشات الطويلة التي سجلتها كتب الأموال والتاريخ، والتي أخذنا صورة منها، فهل يمكن أن نتصور -بعد كل هذا الخلاف بين المحاربين وقوادهم، ثم بين كبار الصحابة في المدينة– أن الأرض المفتوحة كان فيها تشريع معين جاء به القرآن والتزم به الرسول صلى الله عليه وسلم؟

وعليه فلا نستطيع أن نسلم بأن دخول الأرض تحت مفهوم الغنيمة – بتقسيم أربعة أخماسها بين الفاتحين- كان أمرًا مقررًا أو تشريعًا ثابتًا لا يجادل فيه أحد، كما لم يجادل أحد في الأموال المنقولة والأمتعة التي غنمها المسلمون بعد القتال.

خامساً: حكم الأرض المفتوحة يُبني على المصلحة التي يراها الإمام والمسلمون معه ليضعوا لها التشريعات المناسبة لها بحسب اجتهادهم، وتحريهم الحق والصالح العام، كل في عصره، مع التزامهم في كل ذلك بالنصوص العامة التي جاءت بها الشريعة.

قال ابن نجيم: "إذَا كَانَ فِعْلُ الْإِمَامِ مَبْنِيًّا عَلَى الْمَصْلَحَةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُمُورِ الْعَامَّةِ لَمْ يَنْفُذْ أَمْرُهُ شَرْعًا إلَّا إذَا وَافَقَهُ، فَإِنْ خَالَفَهُ لَمْ يَنْفُذُ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ مِنْ بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ: وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ"ـ أ.ه.

 وَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي (فَتَاوِيهِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ): وَلَوْ أَنَّ سُلْطَانًا أَذِنَ لِقَوْمٍ أَنْ يَجْعَلُوا أَرْضًا مِنْ أَرَاضِيِ الْبَلْدَةِ حَوَانِيتَ مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسْجِدِ فَرَّقَ أَوْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِي مَسْجِدِهِمْ، قَالُوا: إنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ فُتِحَتْ عَنْوَةً، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالْمَارِّ، وَالنَّاسِ يَنْفُذُ أَمْرُ السُّلْطَانِ فِيهَا. وَإِنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ فُتِحَتْ صُلْحًا تَبْقَى عَلَى مِلْكِ مُلَّاكِهَا، فَلَا يَنْفُذُ أَمْرُ السُّلْطَانِ فِيهَا"([33]).

ولذلك راعى الشرع تغير مصلحة الناس في كل عصر من الأعصار فترك بعض الأمور للناس ليواجهوا مشكلات عصرهم ويجتهدوا فيها محاولين الاهتداء إلى الصالح العام، وفي إحالة هذه الأمور إلى الناس تشريع لها، فلم تترك إذن بغیر تشريع، وبخاصة أن هذه الإحالة مقيدة بالالتزام التشريعي السابق، فإذا خالف ولي الأمر هذا الالتزام فلا حق على الناس في الطاعة، كما قال ابن نجیم.

سادساً: السياسة العمرية في الأرض المفتوحة فضلاً عن أنها كانت ضد مصلحة عمر الشخصية، فقد كانت الغاية في تحقيق العدل، فقد ألغى عمر نصيبه من الفيء، وهو خمس الأرض لو قسمت، وضحى بذلك من أجل مصلحة الإسلام ولأجل الأجيال القادمة إلى يوم القيامة.

روى ابن زنجويه في كتاب (الأموال): "عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ قَالَ: ذَكَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا الْفَيْءَ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَكَلَّمُوا، أَمَا وَاللَّهِ مَا أَنَا بِأَحَقَّ بِهَذَا الْفَيْءِ مِنْكُمْ، وَمَا أَحَدٌ مِنَّا بِأَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا أَنَّا عَلَى مَنَازِلِنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَقَسْمِ رَسُولِهِ، الرَّجُلُ وَقِدَمُهُ وَالرَّجُلُ وَبَلَاؤُهُ، وَالرَّجُلُ وَعِيَالُهُ، وَالرَّجُلُ وَحَاجَتُهُ، وَمَا مِنَّا أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا وَلَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ حَقٌّ، أُعْطِيَهُ أَوْ مُنِعَهُ إِلَّا عَبْدًا مَمْلُوكًا، وَلَئِنْ بَقَيْتُ لَيَبْلُغَنَّ الرَّاعِيَ، وَهُوَ فِي جِبَالِ صَنْعَاءَ حَقَّهُ مِنْ فَيْءِ اللَّهِ"([34]).

ولذلك قال عمر رضي الله عنه لما أرادوا منه التقسيم:" إِذَنْ أَتْرُكُ مَنْ بعدكم من الْمُسلمين لَا شَيْء لَهُمْ"([35]).

قَالَ أَبُو يُوسُف: وَالَّذِي رَأَى عُمَرُ رضي الله عنه مِنَ الامْتِنَاعِ مِنْ قِسْمَةِ الأَرَضِينَ بَيْنَ مَنِ افْتَتَحَهَا عِنْدَ مَا عَرَّفَهُ اللَّهُ مَا كَانَ فِي كِتَابِهِ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ تَوْفِيقًا مِنَ اللَّهِ كَانَ لَهُ فِيمَا صَنَعَ، وَفِيهِ كَانَتِ الْخِيَرَةُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَفِيمَا رَآهُ مِنْ جَمْعِ خَرَاجِ ذَلِكَ وَقِسْمَتِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عُمُومَ النَّفْعِ لِجَمَاعَتِهِمْ؛ لأَنَّ هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَوْقُوفًا عَلَى النَّاسِ فِي الأُعْطِيَاتِ وَالأَرْزَاقِ لَمْ تُشْحَنَ الثُّغُورُ، وَلَمْ تَقْوَ الْجُيُوشُ عَلَى السَّيْرِ فِي الْجِهَادِ، وَلَمَا أَمِنَ رُجُوعَ أَهْلِ الْكُفْرِ إِلَى مُدُنِهِمْ إِذَا خَلَتْ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ وَالْمُرْتَزَقَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ حَيْثُ كَانَ"([36]).

وكان من أهم الآثار لقرار عمر رضي الله عنه، القضاء نهائيا على نظام الإقطاع الظالم، والذي فيه يحتكر طائفة قليلة من الناس كل الأرض لصالحها ثم تستعبد الفلاحين لزراعتها مجانا، فبقيت الأرض في أيدي الفلاحين مقابل دفع مبلغ قليل جدا (الخراج)، وهذا جعلهم يشعرون بأنهم ملَّاك لا عبيد، كما كان الفرس يفعلون معهم، مما جعلهم يحبون الإسلام والمسلمين، ويبغضون الفرس، ولذلك فقد روى الإمام الطبري في (تاريخه): أن رستم دعا أهل الحيرة وسرادقه إلى جانب الدير، فقال: يا أعداء اللَّه، فرحتم بدخول العرب علينا بلادنا، وكنتم عيونا لهم علينا،  وقويتموهم بالأموال"([37]).

وكان هذا كله تحقيقًا لقول الله تعالى {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة الحشر:7]. فتفادى الإسلام بقوله { كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ } [سورة الحشر: 10] نظام الرأسمالية التي تؤثر مصلحة الجيل الحاضر فقط، كما تفادى نظام الاشتراكية التي تتطرف إلى حد التضحية بجيل أو أجيال قادمة، بل كان ذلك القرار الصائب الموافق القرآن والسنة فيه الخير كله من ناحية توفير المال لخزينة الدولة، لسد الثغور، وتسليح الجيوش، ودخول الناس في دين الله أفواجًا، وقطع الطريق على عودة جيوش الفرس والروم بعد خروجهم، وهذا بلا شك عمل بالمصالح الشرعية المعتبرة، فضلاً عن العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما أسلفنا.

والحمد الله رب العالمين

وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

([1]) بحار الأنوار، المجلسي (31/15).

([2]) الإيضاح، الفضل بن شاذان (483).

([3]) منتهى المطلب، الحلي (2/938).

([4]) انظر: المبسوط في فقه الإمامية، الطوسي (2/33).

([5]) السنن الكبرى، للبيهقي (6/571).

([6]) الأموال، للقاسم بن سلام (ص71).

([7]) الأموال، للقاسم بن سلام (ص74).

([8]) الخراج، لأبي يوسف (ص45-46).

([9]) الأموال، للقاسم بن سلام (ص74).

([10]) الأموال، للقاسم بن سلام (ص71).

([11]) المغني، لابن قدامة (3/ 23).

([12]) مجموع الفتاوى (20/575-576).

([13]) الحدائق الناضرة، المحقق البحراني (18 /310).

([14]) حاشية كتاب المكاسب، محمد حسين الغروي الأصفهاني (3/66).

([15]) دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، الشيخ المنتظري (3 /142).

([16]) دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، الشيخ المنتظري (3 /142).

([17]) مجموع الفتاوى (20/574).

([18]) المبسوط للسرخسي (3/8).

([19]) الحدائق الناضرة، المحقق البحراني (18/307).

([20]) الأموال، للقاسم بن سلام (ص 74).

([21]) الخراج، لأبي يوسف (ص47).

([22]) الإيضاح، للفضل بن شاذان (ص478).

([23]) الأموال، للقاسم بن سلام (ص74).

([24]) الرسائل العشر، للطوسي (ص203).

([25]) تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، الحلّي (2/172).

([26]) جواهر الكلام، محمد حسن النجفي الجواهري (21/161).

([27]) الخلاف، الشيخ الطوسي (4/196).

([28]) الخراج، لأبي يوسف (ص35-36).

([29]) التبيان، الشيخ الطوسي (9/563).

([30]) المبسوط، الشيخ الطوسي (2/32).

([31]) بحار الأنوار، المجلسي (31 /17-18).

([32]) وسائل الشيعة، الحر العاملي (17/369).

([33]) الأشباه والنظائر، لابن نجيم (ص106).

([34]) الأموال، لابن زنجويه (2/566).

([35]) الخراج، لأبي يوسف (ص37).

([36]) الخراج، لأبي يوسف (ص38).

([37]) تاريخ الطبري (3/508).


لتحميل الملف pdf

تعليقات