قال الدكتور رامي عيسى، الباحث المتخصص في الشأن الشيعي، خلال حلقة جديدة من برنامجه المتخصص في السيرة النبوية، إن دراسة بدايات الدعوة الإسلامية تكشف عن تفاصيل مهمة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف واجه المجتمع الجاهلي بالدعوة إلى التوحيد رغم ما لاقاه من معارضة شديدة.
وبدأ د. عيسى حلقته بالترحيب بالمشاهدين قائلاً: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على النبي الأمين وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أهلاً وسهلاً بكم أيها المشاهدون الكرام في هذا اللقاء المتجدد في سيرة خير الخلق، سيد ولد آدم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم».
أكد د. رامي عيسى أن الحديث في الحلقة السابقة تناول مرحلة الدعوة السرية، قبل أن تتحول بأمر من الله تعالى إلى دعوة جهرية، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}.
وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم حين جهر بالدعوة وصدع بما أمر به الله في قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} لم يعارضه قومه في البداية، ولكنهم انقلبوا عليه حينما عاب آلهتهم وأثبت بطلان عبادتهم، مشيرًا إلى أن هذا الموقف دليل واضح على ضرورة إنكار المنكر وعدم ترك الباطل بحجة الحرية الشخصية، كما يفعل البعض اليوم.
وأضاف أن قريشًا أعظمت ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم واشتدت عداوتهم له، ولم يسلم من هذه العداوة إلا قليل ممن عصمهم الله بالإسلام، بينما وقف عمه أبو طالب بجانبه وحماه من أذى قريش، لما كان يتمتع به من مكانة وشرف في قومه.
وبين د. عيسى أن من حكمة الله بقاء أبي طالب على دين قومه، لأن إسلامه ـ لو حدث ـ كان سيجعل قريشًا تعاديه كما عادوا النبي، فاستمر وجوده سندًا للنبي وكابحًا لاعتداء قريش عليه.
عداوة أبي لهب وزوجته أم جميل
وتناول الباحث المتخصص في السيرة النبوية موقف أبي لهب وزوجته أروى بنت حرب (أم جميل) من الدعوة، مؤكدًا أنهما اتخذَا موقف العداوة المطلقة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واستعرض حادثة صعود النبي صلى الله عليه وسلم جبل الصفا لدعوة الناس، وكيف رد عليه أبو لهب بقوله: «تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟»، فنزلت فيه سورة {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}.
ونقل د. عيسى عن الحافظ ابن كثير قوله إن أبا لهب — واسمه عبد العزى بن عبد المطلب وكنيته أبو عتبة — لُقِّب بأبي لهب لإشراق وجهه، ورغم ذلك كان من أشد الناس أذى للنبي صلى الله عليه وسلم وتنقصًا لدينه.
كما أشار إلى دور زوجته أم جميل التي كانت تؤذي النبي بشتى الطرق، واستشهد بما رواه ابن حبان بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، في قصة مجيئها غاضبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول سورة المسد، وكيف ستره الله عنها بوجود مَلَك يحجب بصرها، رغم وجوده أمامها بصحبة أبي بكر رضي الله عنه.
وفد قريش يضغط على أبي طالب لإيقاف النبي
وأوضح د. رامي عيسى أن ازدياد غضب قريش من النبي بعد إصراره على دعوته وعيب آلهتهم، دفع أشرافهم إلى الذهاب إلى أبي طالب في محاولة للضغط عليه، ومنهم: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو سفيان بن حرب، وأبو البختري العاص بن هاشم، والأسود بن المطلب، وأبو جهل عمرو بن هشام، والوليد بن المغيرة، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، والعاص بن وائل.
وطالب هؤلاء الأشراف من أبي طالب أن يكفّ ابن أخيه عن آلهتهم، لكن أبو طالب رد عليهم ردًا لينًا وصرفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن يسلّمه لهم.
رسائل الحلقة وأهميتها
اختتم د. عيسى عرضه بالتأكيد على أن هذه المرحلة المبكرة من الدعوة تكشف عن ثبات النبي صلى الله عليه وسلم على الحق، وصبره على الأذى، وحكمة الله في ترتيب الأحداث، كما تؤكد أهمية نصرة الدعاة إلى الله ودعمهم في مواجهة الباطل.
لتحميل الملف pdf