زعم الشيعة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما كان شجاعاً في الحروب ولذلك لم يقتل مشركًا !

ادعاء الشيعة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما كان شجاعاً في الحروب ولذلك لم يقتل مشركًا

 

محتوى الشبهة:

 

يقول جعفر مرتضى العاملي: "فأين كانت حماسة عمر في الدفاع عن النبي صلى اللّه عليه وآله ضد المشركين؟! ولم لم يقتل أحدًا منهم؟ ولا حتى طيلة السنوات العشر، في عشرات الغزوات والسرايا التي اشترك فيها ؟!"([1]).

الرد التفصيلي على الشبهة:

أولاً: إن شجاعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه مما لا يحتاج مثله إلى دليل فقد اعترف بها حتى الشيعة أنفسهم، بل اعترفوا أنه نصر النبي صلى الله عليه وسلم في معارك.

قال الحسين بن علي رضي الله عنه: "اتق الله أبا عبد الرحمن! ولا تدعن نصرتي، واذكرني في صلاتك، فوالذي بعث جدي محمدًا (صلى الله عليه وآله) بشيرًا ونذيرًا، لو أن أباك عمر بن الخطاب أدرك زماني لنصرني كنصرته جدي، وأقام من دوني قيامه بين يدي جدي، يا ابن عمر"([2]).

وكان من القادة في المعارك التي يخوضها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ممن يثبتون مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد القتال، كما اعترف بكلا الفضيلتين محمد حسين فضل الله في كتابه: الإسلام ومنطق القوة([3]).

ثانيًا: من المتفق عليه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن سعد: "قَالُوا: شَهِدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وخرج فِي عِدَّةِ سَرَايَا، وَكَانَ أَمِيرَ بَعْضِهَا"([4]).

قال ابن الجوزي في (تلقيح فهوم أهل الأثر): "وَكَانَ إِسْلَامه فتحًا، وهجرته نصرًا، وغضبه عزًا وَرضَاهُ عدلا وَشهد بَدْرًا وأحداً والمشاهد كلهَا"([5]).

وقال أيضًا: "قال أهل العلم لما أسلم عمر عز الإسلام، وهاجر جهراً وشهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها"([6]).

وهذا بلا شك دليل شجاعة وإيمان.

ثالثًاً: ليس من عادة الرواة أن يستقصوا قتلى الكفار وقاتليهم في كل غزوة من الغزوات النبوية؛ وإذا اعتنوا بذكر ذلك فغالباً ما يكون إما بسبب شهرة ذلك الكافر، كقتلى كفار قريش في غزوة بدر وأحد، فهؤلاء الكفار غالبهم معروف إما بشهرته بعداوة المسلمين وإما بسبب قرابته لأحد المهاجرين.

وأحيانًا يعتنون بذكر القتيل وقاتله إذا تعلق بذلك قصة أو سبب يحسن سياقه.

ومما اجتمع فيه السببان؛ ما رواه علماء المغازي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب؛ أنه قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة في غزوة بدر.

قال ابن هشام رحمه الله تعالى: "حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَغَازِي: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، وَمَرَّ بِهِ: إنِّي أَرَاكَ كَأَنَّ فِي نَفْسِكَ شَيْئًا، أَرَاكَ تَظُنُّ أَنِّي قَتَلْتُ أَبَاكَ، إنِّي لَوْ قَتَلْتُهُ لَمْ أَعْتَذِرْ إلَيْكَ مِنْ قَتْلِهِ، وَلَكِنِّي قَتَلْتُ خَالِي الْعَاصِ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَأَمَّا أَبُوكَ فَإِنِّي مَرَرْتُ بِهِ وَهُوَ يَبْحَثُ بَحْثَ الثَّوْرِ بِرَوْقِهِ فَحُدْتُ عَنْهُ، وَقَصَدَ لَهُ ابْنُ عمه علىّ فقتله"([7]).

قال ابن كثير بعد ذكره لهذا الخبر "وهذا منقطع، وهو كالمشهور"([8]).

فالحاصل: أنه لا يمكننا في هذا الزمن أن نعرف -على وجه القطع- عن كل صحابي كم قتل من الكفار ومعرفة أعيانهم، سواء تعلق الأمر بعمر بن الخطاب أو بسائر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين. وعدم العلم لا يستلزم عدم الوقوع كما هو معلوم عند كل العقلاء([9]).

رابعًا: شارك عمر رضي الله عنه في كل أنواع الجهاد وكان له ولأبي بكر القدح المعلى في الشجاعة، وبيان ذلك من كلام ابن حزم: "قَالَ أَبُو مُحَمَّد: وجدناهم يحتجون بِأَن عليًّا كَانَ أَكثر الصَّحَابَة جهاداً وطعناً فِي الْكفَّار وَضَربًا وَالْجهَاد أفضل الْأَعْمَال.

قَالَ أَبُو مُحَمَّد: هَذَا خطأ؛ لِأَن الْجِهَاد يَنْقَسِم أقساما ثَلَاثَة:

أَحدهَا: الدُّعَاء إِلَى الله عز وَجل بِاللِّسَانِ.

وَالثَّانِي: الْجِهَاد عِنْد الْحَرْب بِالرَّأْيِ وَالتَّدْبِير.

وَالثَّالِث: الْجِهَاد بِالْيَدِ فِي الطعْن وَالضَّرْب.

فَوَجَدنَا الْجِهَاد فِي اللِّسَان لَا يلْحق فِيهِ أحد بعد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَبَا بكر وَعمر.

أما أَبُو بكر: فَإِن أكَابِر الصَّحَابَة رضي الله عنهم أَسْلمُوا على يَدَيْهِ فَهَذَا أفضل عمل وَلَيْسَ لعَلي من هَذَا كثير حَظّ.

وَأما عمر: فَإِنَّهُ من يَوْم أسلم عز الْإِسْلَام وَعبد الله تَعَالَى بِمَكَّة جَهراً وجاهد الْمُشْركين بِمَكَّة بيدَيْهِ فَضرب وضُرِب حَتَّى ملوه فَتَرَكُوهُ فعبد الله تَعَالَى عَلَانيَة وَهَذَا أعظم الْجِهَاد فقد انْفَرد هَذَانِ الرّجلَانِ بِهَذَيْنِ الجهادين الَّذين لَا نَظِير لَهما ولاحظ لعَلي فِي هَذَا أصلا وَبَقِي الْقسم الثَّانِي وَهُوَ الرَّأْي والمشورة فوجدناه خَالِصا لأبي بكر ثمَّ لعَمْرو بَقِي الْقسم الثَّالِث وَهُوَ الطعْن وَالضَّرْب والمبارزة فوجدناه أقل من مَرَاتِب الْجِهَاد ببرهان ضَرُورِيّ وَهُوَ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا شكّ عِنْد كل مُسلم أَنه الْمَخْصُوص بِكُل فَضِيلَة فَوَجَدنَا جهاده  إِنَّمَا كَانَ فِي أَكثر أَعماله وأحواله الْقسمَيْنِ الْأَوَّلين من الدُّعَاء إِلَى الله  وَالتَّدْبِير والإرادة، وَكَانَ أقل عمله صلى الله عليه وسلم الطعْن وَالضَّرْب والمبارزة لَا عَن جبن بل كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام أَشْجَع أهل الأَرْض قاطبة نفساً ويداً وأتمهم نجدة، وَلكنه كَانَ يُؤثر الْأَفْضَل فَالْأَفْضَل من الْأَفْعَال فَيقدمهُ  ويشتغل بِهِ.

ووجدناه  يَوْم بدر وَغَيره وَكَانَ أَبُو بكر رضي الله عنه مَعَه لَا يُفَارِقهُ؛ إيثاراً من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَهُ بذلك، واستظهاراً بِرَأْيهِ فِي الْحَرْب، وأُنساً بمكانه، ثمَّ كَانَ عمر رُبمَا شُورِكَ فِي ذَلِك أَيْضًا، وَقد انْفَرد بِهَذَا الْمحل دون عَليّ وَدون سَائِر الصَّحَابَة إِلَّا فِي الندرة، ثمَّ نَظرنَا مَعَ ذَلِك فِي هَذَا الْقسم من الْجِهَاد الَّذِي هُوَ الطعْن وَالضَّرْب والمبارزة فَوَجَدنَا علياً رضي الله عنه لم ينْفَرد بالسبق فِيهِ، بل قد شَاركهُ فِي ذَلِك غَيره شركَة الْعَنَان كطلحة وَالزُّبَيْر وَسعد وَمِمَّنْ قُتِل فِي صدر الْإِسْلَام كحمزة وَعبيدَة بن الْحَارِث بن الْمطلب وَمصْعَب بن عُمَيْر وَمن الْأَنْصَار سعد بن معَاذ وَسماك بن خرسة وَغَيرهمَا.

وَوجدنَا أَبَا بكر وَعمر قد شاركاه فِي ذَلِك بحظ حسن وَإِن لم يلحقا بحظوظ هَؤُلَاءِ، وَإِنَّمَا ذَلِك لشغلهما بالأفضل من مُلَازمَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وموازنة فِي حِين الْحَرْب وَقد بعثهما رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الْبعُوث أَكثر مِمَّا بعث عليًّا، وَقد بعث أَبَا بكر إِلَى بني فَزَارَة وَغَيرهم، وَبعث عمر إِلَى بني فلَان وَمَا نعلم لعَليٍ بعثاً إِلَّا إِلَى بعض حصون خَيْبَر ففتحه، وَقد بعث قبله أَبَا بكر وَعمر فَلم يفتحاه، فَحصل أَربع أَنْوَاع الْجِهَاد لأبي بكر وَعمر وَقد شاركا عليًّا فِي أقل أَنْوَاع الْجِهَاد مَعَ جمَاعَة غَيرهم"([10]).

خامسًا: لازم هذا الكلام الطعن في النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن من الصحابة من فاق النبي صلى الله عليه وسلم في قتل المشركين بلا شك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الشَّجَاعَةِ، الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ فِي أَئِمَّةِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَقْتُلْ بِيَدِهِ إِلَّا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، قَتَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَقْتُلْ بِيَدِهِ أَحَدًا لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. وَكَانَ أَشْجَعَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ..، وَكَانَ عَلِيٌّ -وَغَيْرُهُ- يَتَّقُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ أَشْجَعُ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ قَدْ قَتَلَ بِيَدِهِ، أَكْثَرَ مِمَّا قَتَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.

وَإِذَا كَانَتِ الشَّجَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ الْأَئِمَّةِ شَجَاعَةَ الْقَلْبِ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَشْجَعَ مِنْ عُمَرَ، وَعُمَرَ أَشْجَعَ مِنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَهَذَا يَعْرِفُهُ مَنْ يَعْرِفُ سِيَرَهُمْ وَأَخْبَارَهُمْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه بَاشَرَ الْأَهْوَالَ الَّتِي كَانَ يُبَاشِرُهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يَجْبُنْ وَلَمْ يَحْرَجْ وَلَمْ يَفْشَلْ، وَكَانَ يُقْدِمُ عَلَى الْمَخَاوِفِ: يَقِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ، يُجَاهِدُ الْمُشْرِكِينَ تَارَةً بِيَدِهِ وَتَارَةً بِلِسَانِهِ وَتَارَةً بِمَالِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُقْدِمٌ"([11]).

ولذلك فقد طعن الشيعة في النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا بأن عليًّا كان أشجع منه.

في كتاب (الأنوار النعمانية): "روى الصدوق طاب ثراه عن النبي (ص) قال: أعطيت ثلاثاً وعلي مشاركي فيها، وأعطي علي ثلاثة ولم أشاركه فيها ... وأما الثلاث التي أعطي علي ولم أشاركه فيها، فإنه أعطى شجاعة ولم أعط مثله"([12]).

قلت: من باب الإلزام نستطيع أن نقول أن عمر رضي الله عنه أشجع من علي رضي الله عنه، والدليل على ذلك ما ذكره اليعقوبي في تاريخه: "فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار، وخرج علي ومعه السيف، فلقيه عمر، فصارعه عمر فصرعه، و كسر سيفه.."([13]).

قلت: فمن يكسر سيف عليّ رضي الله عنه أشجع ألف مرة منه، وإلا فنحن ننزه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الكذب.

سادسًا: لكل مسلم دور يخصه في المعارك، فمنهم من لا يسمح له دوره أن يقاتل، وإلا فالأمير ووزراؤه إذا ما حاربوا أو حتى ذهبوا للحرب فقد يكون هذا أشجع وأصلح للمسلمين، ولذلك جاء في نهج البلاغة:" ومن كلام له  وقد شاوره عمر بن الخطاب في الخروج إلى غزو الروم...وَقَدْ تَوَكَّلَ اللهُ لأهْلِ هَذا الدِّينِ بِإِعْزَازِ الْحَوْزَةِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَالَّذِي نَصَرَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَنْتَصِرُونَ، وَمَنَعَهُمْ وَهُمْ قَلِيلٌ لاَ يَمتَنِعُونَ، حَيٌّ لاَ يَمُوتُ.

إِنَّكَ مَتَى تَسِرْ إِلَى هذَا الْعَدُوِّ بِنَفْسِكَ، فَتَلْقَهُمْ بِشَخْصِكَ فَتُنْكَبْ، لاَ تَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ كَانِفَةٌ دُونَ أَقْصَى بِلاَدِهِمْ، وَلَيْسَ بَعْدَكَ مَرْجِعٌ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمْ رَجُلاً مِحْرَباً، وَاحْفِزْ مَعَهُ أَهْلَ الْبَلاَءِ وَالنَّصِيحَةِ، فَإِنْ أَظْهَرَ اللهُ فَذَاكَ مَا تُحِبُّ، وَإِنْ تَكُنِ الاْخْرَى، كُنْتَ رِدْءاً للنَّاسِ وَمَثَابَةً لِلْمُسْلِمِين"([14]).

فهنا علي ينصح عمر رضي الله عنه بعدم الخروج بنفسه؛ لأنه لو خرج فقُتِل لم يكن للمسلمين مرجع، فينهزم المسلمون جميعا بانهزامه، لكن حتى لو انهزموا وعمر رضي الله عنه ليس معهم، كان لهم مرجع يأمنون بجواره، وفي هذا النص شهادة واضحة من علي أن عمر يحب نصر الإسلام والمسلمين، وأن الله جعله مرجعا للمسلمين ومثبتا لقلوبهم ومقويا لهم.

سابعًا: اعترف الشيعة أن زمان عمر رضي الله عنه كان زمان نصرة للإسلام والمسلمين وأن أكثر الفتوحات كانت في خلافته.

قال نعمة الله الجزائري: "أكثر البلاد إنما فتحت في خلافة عمر"([15]).

ورى الكليني بسنده عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ:" سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليه‌ السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} [سورة الروم:1-3]؟ فأنزل الله بذلك كتابا قرآنا {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ} يعني غلبتها فارس في أدنى الأرض وهي الشامات وما حولها، {وَهُمْ} يعني وفارس {مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ } الرُّومَ { سَيَغْلِبُونَ } يَعْنِي يَغْلِبُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، { فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } [سورة الروم:4-5]  ¸، فلما غزا المسلمون فارس وافتتحوها، فرح المسلمون بنصر الله ".

قال: قلت: أليس الله  يقول: { فِي بِضْعِ سِنِينَ } وَقَدْ مَضى لِلْمُؤْمِنِينَ سِنُونَ كَثِيرَةٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، وَفِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِنَّمَا غَلَبَ الْمُؤْمِنُونَ فَارِسَ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ؟"([16]).

قال المجلسي عن الحديث:" الحديث السابع والتسعون والثلاثمائة: صحيح"([17]).

ويقول البحراني: "أكثر الفتوحات التي صدرت من عمر كان برأي الامام وإذنه "([18]).

ويقول كاشف الغطاء: "وحين رأى أنَّ المتخلّفين - أعني الخليفة الأول والثاني- بذلا أقصى الجهد في نشر كلمة التوحيد، وتجهيز الجنود، وتوسيع الفتوح، ولم يستأثروا ولم يستبدوا، بايع وسالم"([19]).

ويقول الأميني: "غير أن فتوحات عمر وأياديه في بسط الاسلام في أرجاء العالم لا تنسى، ولم تزل تذكر في صفحات التاريخ، فله فضيلة الرجحان على أبي بكر إن وزنا بميزان غير معيبة"([20]).

هل هناك دليل شجاعة أكثر من ذلك؟؛ ولأن تلك الفتوحات أزعجتهم قال أحد علمائهم، وهو أبو الحسين الخوئيني: "إصرار عمر على قتل العجم بقدر الإمكان، ومنعه لهم من دخول المدينة، وابتداعه أحكاماً ظالمة في حقهم، لم يكن سببه إلا أنهم ببركة هداية سلمان والهرمزان، كانوا كلهم أو معظمهم من حزب أمير المؤمنين  وشيعته"([21]).

قلت: بل لأنه أطفأ نار أجدادك، وأظهر الله على يده الدين ونصره، كما اعترف بذلك أكابر الشيعة.

ففي (البحار): "قال علي: "أما بعد: فإن الله سبحانه بعث محمداً صلى الله عليه وآله، فأنقذ به من الضلالة، ونعش به من الهلكة، وجمع به بعد الفرقة، وقد أدى ما عليه، فاستخلف الناس أبا بكر، ثم استخلف أبو بكر عمر، فأحسنا السيرة وعدلا في الأمة"([22]).

 

([1]) الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله، جعفر مرتضى العاملي (8/182).

([2]) موسوعة كلمات الإمام الحسين، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ص374).

([3]) الإسلام ومنطق القوة (ص176-177).

([4]) الطبقات الكبرى، ابن سعد (3/206).

([5]) تلقيح فهوم أهل الأثر، ابن الجوزي (ص: 76).

([6]) صفة الصفوة، ابن الجوزي (1/104).

([7]) سيرة ابن هشام (2/289).

([8]) مسند الفاروق، ابن كثير (2/464).

([9])للاستزادة؛ راجع موقع الشيخ صالح المنجد على الرابط التالي: https://islamqa.info/ar/answers/270047/

([10]) الفصل في الملل والأهواء والنحل، ابن حزم (4/107).

([11]) منهاج السنة النبوية، ابن تيمية (8/78- 79).

([12]) الأنوار النعمانية، نعمة الله الجزائري (1/17).

([13]) تاريخ اليعقوبي (2/126).

([14]) نهج البلاغة، الشريف الرضي (1/298).

([15]) الأنوار النعمانية، نعمة الله الجزائري (1/103).

([16]) الكافي، الكليني (15/610).

([17]) مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، المجلسي (26/266).

([18]) الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، يوسف البحراني (18/307).

([19]) أصل الشيعة وأصولها، محمد حسين كاشف الغطاء (ص193).

([20]) الغدير، الأميني (7/309).

([21]) شهادة الأثر على إيمان قاتل عمر، أبو الحسين الخوئيني (ص212).

([22]) بحار الأنوار، المجلسي (32/456).


لتحميل الملف pdf

تعليقات