زعمهم أن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه منع أزواج النبي صلى الله عليه ويلم من الحج والعمرة

الشبهة: قالوا : إن عمر بن الخطَّاب كان يمنع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من الحج، واستدلوا بما رواه ابن سعد: «أخبرنا محمد بن عمر، حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، أن عمر بن الخطَّاب منع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الحج والعمرة» .

الرد علي الشبهة:

أولًا: إن هذا الأثر لا يصح، ففيه محمد بن عمر الواقدي، وهو متروك.

قال الإمام الذهبي: «محمّد بن عمر بن واقد الأسلميّ مولاهم، الواقديّ صاحب التصانيف، مجمع على تركه»، وقال ابن عدي: «يروي أحاديث غير محفوظة والبلاء منه»، وقال النّسائيّ: «كان يضع الحديث». وقال ابن ماجه: ثنا ابن أبي شيبة، ثنا شيخ، ثنا عبد الحميد بن جعفر، فذكر حديثًا في لباس الجمعة، وحسبك بمن لا يجسر أن يسمّيه ابن ماجه»[1].

وقال الحافظ ابن حجر: «متروك مع سعة علمه»[2].

ثانيًا: مما يدحض هذه الشبهة ما ثبت عند البخاري في صحيحه، أنه قد «أذن عمر I لأزواج النَّبي H في آخر حجّةٍ حجّها، فبعث معهنّ عثمان ابن عفّان وعبد الرَّحمن بن عوفٍ»[3].

وروى ابن الجوزي في «المنتظم»، في حوادث سنة (23هـ)، عن أبي عثمان، وأبي حارثة، والرّبيع، بإِسنادِهم، قالوا: «حجّ عمر بأزواج النَّبي H ، معهنّ أولياؤهنّ ممّن لا تحتجبن منه، وجعل في مقدّم قطارهنّ: عبد الرَّحمن بن عوفٍ، وفي مؤخّره: عثمان بن عفّان...»[4].

فهذا دليلٌ على أن عمر لم يمنع أزواج النبي H من الحج، بل أذن لهنّ، وحج بهنّ.

ثالثًا: إن الذي يمنع الناس من الحج هم الشيعة في حقيقة الأمر، فقد ورد في كتبهم أن عليًّا، والحسن، والحسين، والسجاد كتموا العلم، ولم يعرفوا شيعتهم مناسك الحج.

روى الكليني بسنده، عن أبي عبد الله قال: «... وكانت الشِّيعة قبل أن يكون أبو جعفرٍ، وهم لا يعرفون مناسك حجّهم وحلالهم وحرامهم، حتَّى كان
أبو جعفرٍ، ففتح لهم وبيَّن لهم مناسك حجّهم وحلالهم وحرامهم...»
[5].

فمن الذي يمنع الناس من حج بيت الله إذًا؟!

بل إنهم قد رووا في كتبهم أن كربلاء حرم مقدس؛ ففي «البحار» عن علي بن الحسين - كما يدّعون افتراءً عليه-: «اتّخذ الله أرض كربلاء حرمًا آمنًا مباركًا قبل أن يخلق الله أرض الكعبة ويتّخذها حرمًا بأربعة وعشرين ألف عام، وقدّسها وبارك عليها، فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدّسة مباركة، ولا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنّة، وأفضل منزل ومسكن يسكن فيه أولياءه في الجنَّة»[6].

ونقل في أعيان الشيعة: «عن الصادق S قال: إن لله حرمًا وهو مكة، ولرسوله حرمًا وهو المدينة، ولأمير المؤمنين S حرمًا وهو الكوفة، ولنا حرمًا وهو قم»[7].

فهذا صرف صريح للناس عن مناسك الحج والعمرة التي يعرفها المسلمون.

وبهذه النصوص صار حج الشيعة إلى كربلاء والمشاهد، لا إلى بيت الله الحرام، فضلًا عن الفضائل الكثيرة -التي اختلقوها- لحج تلك المشاهد.

 

[1]   «المغني في الضعفاء» (2/619).

[2]   «تقريب التهذيب» (1/882).

[3]   «صحيح البخاري» (3/19).

[4]   «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (4/327).

[5]   «الكافي» (2/19 -21)، وقال المجلسي عن الرواية في «مرآة العقول» (7/108): «صحيح بسنديه».

[6]   «بحار الأنوار» (101/107).

[7]   «أعيان الشيعة» (5/246).