زعمهم أن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه وضع كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت قدمه

الشبهة: من اعتراضات الرَّافضة على عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، أنه روي عنه وضع كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت قدمه.
يقول عبد الرحمن العقيلي: «وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه ختمه الشريف واسمه، وإهانة النبي وسبّه كفر بلا خلاف بين المسلمين» .
والرواية التي أشار إليها رواها ابن شبة قال: «حدَّثنا أبو معاوية يزيد بن عبد الملك بن شريكٍ النّميري قال: زعم عائذ بن ربيعة بن قيسٍ، وكان قد لقي الوفد الَّذي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني نميرٍ، قال: فلمَّا انصرفوا قالوا: يا رسول الله، ما تأمرنا أن نعمل؟ قال: «آمركم أن لا تشركوا بالله شيئًا، وأن تحجّوا البيت، وتصوموا رمضان؛ فإنَّ فيه ليلةً قيامها وصيامها خيرٌ من ألف شهرٍ»، قالوا: يا رسول الله، متى نبتغيها؟ قال: «ابتغوها في اللّيالي البيض»، ثمَّ انصرفوا، فلمَّا كان بعد ذلك أتوه فصادفوه في المسجد الّذي بين مكَّة والمدينة، وإذا هو يخطب النَّاس ويقول في كلامه: «المسلم أخو المسلم، يردّ عليه من السّلام مثل ما حيّاه أو أحسن من ذلك، فإذا استنعت قصد السّبيل نعته له ويسّره، وإذا استنصره على العدوّ نصره، وإذا استعاره المسلم الحدّ على المسلم لم يعره، وإذا استعاره المسلم الحدّ على العدوّ أعاره، ولم يمنعه الماعون»، قيل: يا رسول الله، وما الماعون؟ قال: «الماعون في الماء والحجارة والحديد»، قيل: أيّ الحديد؟ قال: «قدر النّحّاس، وحديد النَّاس الَّذين يمتهنون به» قال: ولم يزل شريحٌ عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه، وعامل أبي بكرٍ، فلمَّا قام عمر رضي الله عنه أتاه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه فوضعه تحت قدمه وقال: لا، ما هو إلَّا ملكٌ، انصرف .

الرد علي الشبهة:

أولًا:  هذا الأثر لا يصح، فالرواة الذين روى عنهم ابن شبة غير معروفين، قال الإمام ابن أبي حاتم: «ويزيد بن عبد الملك النميري، وعائذ بن ربيعة، وعباد بن زيد لا يعرفون»[1].

وقال الإمام الذهبي: «يزيد بن عبد الملك النميري عن عائذ وعنه سليمان الشّاذكوني، إسناد مظلم، والخبر منكر»[2].

وقال الحافظ ابن حجر: «يزيد بن عبد الملك النميري عن عائذ، وعنه سليمان الشاذكوني بسند مظلم، وخبره منكر»[3].

وعليه فالأثر باطل ولا يصح.

ثانيًا:   أكثر الناس إهانة لكتاب الله ولسنة رسوله H هم الشيعة، وإليك شيء من فقههم وفتاوى أكابرهم.

قال الحلي: «أما الذكر لله تعالى، أو حكاية الأذان، أو قراءة آية الكرسي فلا يكره؛ لما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد الله عن التسبيح في المخرج وقراءة القرآن؟ قال: لم يرخص في الكنيف أكثر من آية الكرسي وحمد الله أو آية»[4].

فهنا أجاز الحلي قراءة أعظم آية في كتاب الله أثناء قضائه الحاجة! فهذا تعظيم الشيعة لكتاب الله.

وبمثله قال الطوسي: «ولا يقرأ القرآن وهو على حال الغائط سوى آية الكرسي، ويجوز له أن يذكر الله تعالى فيما بينه وبين نفسه، فإن سمع الأذان فليقل مع نفسه كما يسمعه استحبابًا»[5].

وممن نقل هذا علي أصغر في «الينابيع الفقهية» قال: «ولا يقرأ القرآن حال الغائط إلا آية الكرسي»[6].

بل ويجوز للمحدث كتابة القرآن، حتى ولو كتبه على الأرض.

يقول اللنكراني: «مسألة 14: في جواز كتابة المحدث آية من القرآن بإصبعه على الأرض أو غيرها إشكال، ولا يبعد عدم الحرمة، فإن الخطّ يوجد بعد المس»[7].

وفي موقع «شبكة السراج» الرافضي الذي ينشر فتاوى السيستاني:

السؤال: إذا كان شخص يحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب، هل يستطيع قراءة ما يحفظه عن ظهر قلب في الحمام سواء أثناء قضائه الحاجة أو الاستحمام؟

الفتوى: «يكره الكلام حال التخلي في غير الضرورة، إلا بذكر الله أو آية الكرسي، ولا مانع من إخطار الآية في النفس».

السؤال: هل يجوز ذكر اسم الله والقرآن الكريم (قراءة) في دورة المياه؟ وهل يجوز رفع الصوت أثناء الطهارة؟

الفتوى: «يجوز، ولكن يكره قراءة القرآن هناك»[8].

قلت: إن لم تكن هذه إهانة لكتاب الله ولذكره فليس في الدنيا إهانة، بل هذا من جنس عمل السحرة الفجار.

ورووا عن الصادق أنه قال: «كان نقش خاتم أبي: العزة لله جميعًا، وكان في يساره يستنجي بها، وكان نقش خاتم أمير المؤمنين S: الملك لله، وكان في يده اليسرى يستنجي بها -وفي رواية- قال: كان نقش خاتم رسول الله H العزة لله جميعًا، وكان في يساره يستنجي بها»[9].

فهذا دين ينسب لأحد أئمتهم المعصومين أنه كان يستنجي باليد التي كتب في خاتمها (الملك لله)، أو (العزة لله)، وهي والله الإهانة لرب العالمين تبارك اسمه.

 

[1]   «الجرح والتعديل»، عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي (3/572).

[2]   «ميزان الاعتدال في نقد الرجال» (4/434).

[3]   «لسان الميزان»، ابن حجر (8/501).

[4]   «منتهى المطلب»، العلامة الحلي (1/41).

[5]   «النهاية»، الطوسي (ص11).

[6]   «الينابيع الفقهية»، علي أصغر مرواريد (2/426).

[7]   «التعليقات على العروة الوثقى»، محمد الفاضل اللنكراني (1/126).

[8]   المصدر: موقع شبكة السراج التابعة للسيستاني https://2u.pw/e3LZh

[9]   «قرب الإسناد» للحميري القمي (ص154)، «الاستبصار»، الطوسي (1/48)، «تهذيب الأحكام»، الطوسي (1/32)، «وسائل الشيعة» للحر العاملي (1/234)، «بحار الأنوار»، المجلسي (77/201)، «جامع أحاديث الشيعة» للبروجردي (2/217)، «منتهى المطلب» للعلامة الحلي (1/250)، «مجمع الفائدة» للمحقق الأردبيلي (1/97) (الحاشية)، «كشف اللثام» للفاضل الهندي (1/242)، «الحدائق الناضرة» ليوسف البحراني (2/80)، «مستند الشيعة» للنراقي (1/401)، «جواهر الكلام» لمحمد حسن النجفي (2/71)، كتاب «الطهارة» للأنصاري (1/484)، «مصباح الفقيه» لآقا رضا الهمداني (1 ق 1/94)، «مستمسك العروة» لمحسن الحكيم (2/246) (الحاشية)، كتاب «الطهارة» للخوئي (3/464) (الحاشية)، «فقه الصادق S» لمحمد صادق الروحاني (1/193) (الحاشية)، «مصباح المنهاج»، «الطهارة» لمحمد سعيد الحكيم (2/153) (الحاشية).